الصالون الثقافي بمعرض الكتاب يناقش “المجتمع الرقمي وأثره على التنوع ”

الأربعاء، 05 فبراير 2025 04:27 م

معرض القاهره الدولي للكتاب

معرض القاهره الدولي للكتاب

محمد ابو دشيش

في إطار الاحتفال بمرور 20 عامًا على اتفاقية التنوع الثقافي، شهد معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ56 الندوة الرابعة للصالون الثقافي، التي انعقدت تحت عنوان "تأثير المجتمع الرقمي على التنوع الثقافي".

افتتح الحوار الإعلامي شريف عارف مع الدكتور أنور مغيث، أستاذ الفلسفة بكلية الآداب بجامعة حلوان والمدير الأسبق للمركز القومي للترجمة، حيث تناول النقاش مفهوم التنوع الثقافي وأهميته في ظل التحولات الرقمية.

وأوضح الدكتور مغيث أن الدستور المصري في نسخته الأخيرة تضمن مادة تؤكد ضرورة الحفاظ على التنوع الثقافي، وهو أمر جديد لم يكن موجودًا في السابق. فالتنوع الثقافي يشمل التجليات المختلفة للدين واللغة والأخلاق والفنون والأزياء داخل البلد الواحد، مما يعكس ثراء الهوية الوطنية.

كما أشار إلى أن مصر تعد من الدول الفاعلة في اتفاقية حماية وتعزيز أشكال التعاون الثقافي منذ عام 2006، حيث قدمت تقريرين خلال ثماني سنوات لرصد تجليات التنوع الثقافي ودور المرأة والشباب في دعمه. ومن بين ما وثّقه التقرير أن النساء يمثلن 55% من القوى الفاعلة في المشهد الثقافي، مع التأكيد على أهمية تبادل المبدعين بين الدول لتعزيز الانفتاح الثقافي.

وردًا على تساؤل الدكتور شريف عارف حول مدى اهتمام الدولة بإنتاج "السلع الثقافية"، أوضح الدكتور مغيث أن الدولة ترصد ما يُنتج من مسرحيات وأفلام وعروض فنية وأدبية، مشيرًا إلى أن 148 دولة وقعت على اتفاقية التنوع الثقافي، لكن درجة النشاط في تنفيذ بنودها تختلف من دولة لأخرى.

وأرجع الدكتور مغيث الاهتمام العالمي بهذه القضية إلى أوجه الشبه بين أزمة التنوع الثقافي والأزمة البيئية، حيث إن الإهمال قد يؤدي إلى تآكل الهويات الثقافية مثلما يحدث مع التنوع البيئي.

كما أوضح أن بعض المجتمعات تنظر إلى التنوع الثقافي بقلق، إذ يُعتقد أحيانًا أنه يهدد وحدة الدولة، لكن على العكس، فإن حماية التنوع الثقافي ضرورية للحفاظ على الهوية الوطنية وتعزيز الثراء المجتمعي. 

واستشهد بأن العالم يضم 196 دولة رسمية، و4000 ديانة، و6000 لغة، ولو قرر كل دين أو لغة الانفصال، لكان العالم في حالة اضطراب، ومن هنا تأتي أهمية الاعتراف بالتعددية الثقافية كحق أساسي للمجتمعات.

وأكد الدكتور مغيث أن الثقافة أصبحت تشكل 5% من الناتج القومي لبعض الدول، وأن الفنون مثل السينما والمسرح لعبت دورًا محوريًا في الاقتصاد المصري في بدايات القرن العشرين.

كما تناول مفهوم الهوية الوطنية، موضحًا أنه يوجد اتجاهان رئيسيان: الأول يرى أن الهوية ثابتة ويجب عدم المساس بها، بينما يرى الاتجاه الثاني أن الهوية مشروع مستقبلي يتطور باستمرار.

وحول تأثير التحول الرقمي، أوضح الدكتور مغيث أن مصر لديها القدرة على استغلال التكنولوجيا لإدارة المنتج الثقافي ونشره، مستشهدًا بمشروع "بنك المعرفة المصري".

كما تطرق إلى قضايا حقوق الملكية الفكرية، مشيرًا إلى أنه خلال توليه رئاسة المركز القومي للترجمة، واجهت مصر أزمة في توفير العملات الأجنبية، مما دفع المركز إلى ترجمة كتب مرّ عليها 70 عامًا لتجنب مشكلات الملكية الفكرية.

وفي ختام الندوة، طرح الدكتور شريف عارف تساؤلًا حول مدى قدرة مصر على المنافسة في ظل التحولات الرقمية، حيث أكد الدكتور مغيث أن مصر تمتلك رصيدًا ثقافيًا وأدبيًا ثريًا يمكن استغلاله عالميًا، ولكن ينقصها تحقيق التوازن بين ترجمة الأعمال الأدبية والعلمية إلى اللغات الأخرى.

مشددًا على أن تعزيز التنوع الثقافي في ظل المجتمع الرقمي يمثل تحديًا وفرصة في آنٍ واحد، ويتطلب تضافر الجهود لضمان استمرارية الهوية الثقافية المصرية وسط التغيرات العالمية.

search