في وداع شاعر الإنسانية والإبداع…

الأربعاء، 05 فبراير 2025 05:47 م

معرض القاهره الدولي للكتاب

معرض القاهره الدولي للكتاب

محمد ابو دشيش

احتضنت "قاعة فكر وإبداع"؛ بختام فعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ56 ندوة خاصة لمناقشة "الأعمال الشعرية الكاملة"؛ للشاعر الراحل أشرف عامر؛ أدارها الدكتور أيمن عامر، وشهدت حضور عدد من المثقفين والفنانين الذين شاركوا في الحديث عن مسيرته الإبداعية والإنسانية، ومن بينهم الفنان طارق الدسوقي، الناقد الدكتور طارق نعمان، والشاعر الدكتور مسعود شومان.

استهل الدكتور أيمن عامر؛ حديثه؛ عن الشاعر الراحل، مؤكدًا أن أشرف عامر؛ لم يكن مجرد شاعر، بل كان شخصية متعددة الأوجه، تمامًا كما في المسرحية الشهيرة "ست شخصيات تبحث عن مؤلف"؛ للكاتب الإيطالي لويجي برانديللو؛ فقد كان في داخله ابن المدينة وابن الريف، الطالب الثوري الغاضب، الراشد الحزبي، والصحفي المخضرم، حيث تقلد منصب رئيس التحرير في عدد من الجرائد المصرية؛ وأن المجموعة الشعرية التي تُناقش اليوم جاءت بعد وفاته، وكأنها سيرة ذاتية تمتزج بين الإبداع والحياة.

من جانبه، تحدث الفنان طارق الدسوقي؛ عن علاقته الوطيدة بالشاعر الراحل، مشيرًا إلى أن أشرف عامر؛ لم يكن مجرد صديق، بل كان جزءًا من حياة أصدقائه، حاضرًا في تفاصيلهم اليومية، مؤثرًا في قراراتهم، ومُلهمًا لهم؛ وأكد أن الشاعر كان يمتلك ثقافة موسوعية تمتد إلى مختلف المجالات، حيث كان النقاش معه دائمًا ممتعًا وثريًا؛ وأعرب عن امتنانه للهيئة العامة لقصور الثقافة؛ التي قامت بجمع أعماله الشعرية في ديوان شامل، محققةً بذلك أمنيته الأخيرة قبل الرحيل؛ و اختتم الدسوقي حديثه بقراءة بعض من قصائد الراحل، مستحضرًا روحه وإبداعه في لحظة مؤثرة.

أما الناقد الدكتور طارق نعمان، فقد أشار إلى أن الحديث عن أشرف عامر؛ يحتاج لسنوات، فقد كان شخصية تمتلك الطيبة، حسن الخلق، وروح الدعابة، ولم يكن الخلاف معه يؤثر يومًا على إنسانيته؛ واستعاد ذكرياته معه منذ أن كان طالبًا في الجامعة، كما قرأ عددًا من قصائد الراحل، مسلطًا الضوء على مشاريعه الثقافية، التي لم تكن مجرد أعمال أدبية، بل كانت تعكس رؤيته العميقة للحياة والمجتمع.

الشاعر الدكتور مسعود شومان؛ وصف أشرف عامر؛ بأنه "الشاعر الشجرة"، نظرًا لتعدد أغصانه الإبداعية، فهو لم يكتفِ بكتابة شعر الفصحى والعامية، بل خاض أيضًا مجال النقد والصحافة؛ رغم رحيله المبكر، إلا أنه ترك إرثًا شعريًا ضخمًا، يضم دواوين عديدة، وثلاثة دواوين عامية، إلى جانب قصائد متفرقة كتبت في مراحل مختلفة؛ كما أشار إلى أن الشاعر الراحل أبدع في "الموال الشعبي"، حيث استطاع بناء جسور بين التراث والحداثة داخل قصائده، متأثرًا بالشاعر فؤاد حداد، الذي اعتبره بمثابة الأب الروحي له.؛واختتم حديثه بإهداء قصيدة عامية كتبها رثاءً لصديقه الراحل.

وأشار الكاتب علي سعيد؛ إلى أن ديوان "شبابيك" كان نقطة تحول بالنسبة له، حيث جعله يكتشف أن هناك شعر عامية جديد يولد في مصر، ورغم أنه في البداية كان يرى أن الجمع بين الفصحى والعامية أمرًا صعبًا، إلا أن تجربة أشرف عامر؛ غيرت نظرته تمامًا، بعدما وجد أن شعره في الفصحى لا يقل روعة عن العامية، وأنه استطاع تقديم قصيدة النثر بشكل متميز.

وقدمت الروائية سلوى بكر، مداخلة في الندوة، أكدت أن أشرف عامر؛ كان نموذجًا إنسانيًا خاصًا، يغرد خارج السرب؛ فلم يكن مجرد شاعر أو صحفي، بل كان روحًا قادرة على التأثير في من حولها دون أن تفرض مسؤوليتها؛ وأن الحديث عنه يتطلب ساعات طويلة، فهو من الأشخاص الذين لا يغيبون عن الذاكرة، بل يظلون دائمًا في القلوب والعقول.

واختُتمت الندوة؛ وسط مشاعر تمزج بين الحزن والتقدير، حيث أكد الحاضرون أن أشرف عامر؛ لم يكن مجرد شاعر عابر، بل كان تجربة إنسانية وشعرية غنية، تترك أثرًا لا يُمحى. وبينما ودّعوا الندوة، ظل صوته حاضرًا من خلال قصائده، وكأنها تنبض بالحياة، تؤكد أن الإبداع الحقيقي لا يموت، بل يظل خالدًا في وجدان محبيه.

search