مصر وفرنسا يشهدان علاقات استراتيجية على الصعيدين الإقليمي والدولي في السنوات الأخيرة

الأحد، 12 يناير 2025 04:31 م

الرئيس السيسي وماكرون

الرئيس السيسي وماكرون

إسلام عزت

تشهد العلاقات السياسية بين جمهورية مصر العربية والجمهورية الفرنسية تناميًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، إذ تعززت أطر التعاون بين البلدين على الصعيدين الإقليمي والدولي، قدمت فرنسا دعمًا تقنيًا وأمنيًا لمصر في حربها ضد الإرهاب في سيناء، وأكد الرئيسان عبد الفتاح السيسي وإيمانويل ماكرون، خلال اتصالات رسمية، اخرها في ديسمبر 2024، أهمية تعميق الشراكة بين البلدين في مختلف المجالات، لا سيما الاقتصادية والاستثمارية.

معالجة الأزمات الإقليمية

في هذا السياق، أثنى الرئيس ماكرون على الجهود المصرية الحثيثة لمعالجة الأزمات الإقليمية، بما في ذلك دور مصر البارز في التوصل إلى تهدئة في قطاع غزة من خلال تسهيل تدفق المساعدات الإنسانية، وتبادل الأسرى، كما شهدت المناقشات تبادلًا لوجهات النظر حول القضايا الإقليمية، مثل الأوضاع في سوريا ولبنان، حيث أكد الجانبان على أهمية السيادة والوحدة الوطنية لهذه الدول، بالإضافة إلى تعزيز الاستقرار في منطقة القرن الإفريقي عبر دعم الصومال ومبادرات السلام في المنطقة. وقد حازت السياسة الخارجية المصرية في الآونة الاخيرة اهتمام العديد من المحللين السياسيين الفرنسيين أمثال Jean-Noël Ferrié  و Chloe Berge.

على المستوى الدولي، واصلت مصر حضورها الفعّال في المنظمة الفرانكفونية الدولية Organisation Internationale de la Francophonie، حيث شاركت في القمة التاسعة عشرة التي انعقدت في باريس وذلك بحضور السيد المهندس كريم بدوي وزير البترول والثروة المعدنية، ممثلا عن فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي. وقد أشادت فرنسا بمساهمة مصر في إنشاء المقر الجديد لجامعة سنجور بمدينة برج العرب Université Senghor ، مما يعكس التزام مصر بدعم التنمية المستدامة في إفريقيا. كما تُعد الجامعة رمزًا للتعاون الثقافي والتعليمي بين مصر والمنظمة الدولية للفرانكفونية، وتستمر في تدريب الكوادر الإفريقية لخدمة التنمية في القارة. ومن الجدير بالذكر أن مصر انضمت للمنظمة الدولية للفرانكفونية في عام 1970. وتضم المنظمة حالياً 88 دولة بينها 54 دولة كاملة العضوية وسبع دول مشاركة و27 دولة تتمتع بصفة مراقب. وتمثل الدول الأفريقية النسبة الكبرى من أعضاء المنظمة.

وتتمثل المهام الرئيسية للمنظمة الدولية للفرانكفونية في تعزيز التعاون بين الدول الأعضاء لدعم التنوع الثقافي واللغوي، وتعزيز السلام والديمقراطية وحقوق الإنسان، ودعم التعليم والتدريب والتعليم العالي والبحث، وتعزيز التعاون الاقتصادي لدعم التنمية المستدامة.

الأزمة الإنسانية في غزة

في الثاني من ديسمبر 2024، القى جان نويل بارو وزير الخارجية الفرنسي كلمة في مؤتمر دولي في القاهرة حول الأزمة الإنسانية في غزة مؤكدا التزام فرنسا والدول المشاركة بإنهاء المعاناة المدنية الناتجة عن النزاع المستمر منذ 7 أكتوبر 2023. ركز الخطاب على ثلاث أولويات: وقف إطلاق النار الفوري وتحرير الرهائن، تقديم المساعدات الإنسانية، حيث أعلنت فرنسا عن مساهمة جديدة بقيمة 50 مليون يورو، تشمل دعم الأونروا ومنظمات إنسانية أخرى. فضلا عن حل سياسي يضمن السلام الدائم، مع التشديد على حل الدولتين كإطار أساسي لتحقيق الأمن والاستقرار.

على الصعيد العسكري، شهدت القوات الجوية المصرية تطورًا جديدًا مع رصد مقاتلة فرنسية من طراز "رافال" مزدوجة المقاعد، تحمل الرقم التعريفي DM17، خلال اختبارات الطيران الأولية في فرنسا. تأتي هذه المقاتلة ضمن صفقة إضافية وقعتها مصر وفرنسا عام 2021 لشراء 30 طائرة "رافال" بقيمة 3.75 مليار يورو، بهدف تعزيز القدرات الدفاعية المصرية.

بهذه الخطوة، تصبح مصر ثاني أكبر مشغل لطائرات "رافال" في العالم بعد فرنسا، مع خطط للوصول إلى 54 طائرة بحلول عام 2026. تتميز هذه الطائرات بقدرات قتالية متقدمة، بما في ذلك تنفيذ المهام بعيدة المدى، التزود بالوقود جواً، وحمل أنظمة تسليح متطورة ومنظومات حرب إلكترونية فعالة. الصفقة تعزز الشراكة الاستراتيجية بين مصر وفرنسا، التي تشمل التعاون في المجالات العسكرية والاقتصادية والتقنية، وتؤكد التزام مصر بتحديث قواتها الجوية لمواجهة التحديات الأمنية الإقليمية.

يعكس هذا التعاون الممتد بين مصر وفرنسا تطورًا في العلاقات الثنائية التي تستند إلى أسس استراتيجية، تدعمها رؤى مشتركة لتعزيز الاستقرار والتنمية في الشرق الأوسط وإفريقيا.

search