يوسف عباس يتحدث عن أهمية عازفي العود في مسيرة أم كلثوم وتأثيرهم على فنها

الأربعاء، 22 يناير 2025 03:24 م

يوسف عباس

يوسف عباس

محمد ابو دشيش

أم كلثوم، تلك الأيقونة التي اجتمع على صوتها الملايين من مختلف الأقطار، لم تكن مجرد مطربة، بل كانت رمزًا للفن العربي الأصيل. كان صوتها الخالد يحتاج إلى مرافقة موسيقية تعادل قوته وسحره، وهنا جاء دور آلة العود وعازفيها الذين شكّلوا ركيزة أساسية في فرقتها الموسيقية. هؤلاء العازفون لم يكونوا مجرد مرافقة موسيقية، بل كانوا شركاء في صياغة مسيرة فنية صنعت تاريخ الأغنية العربية.

العود: جسر بين الصوت والإحساس

منذ ظهور أم كلثوم على الساحة الفنية، أدركت أهمية اختيار نخبة من الموسيقيين الذين يجيدون العزف ويملكون القدرة على إبراز جمال صوتها. كان العود، بصفته آلة شرقية بامتياز، يحتل مكانة خاصة في تشكيل ملامح أغانيها. هذه الآلة لم تكن مجرد جزء من الفرقة، بل كانت صوتًا حواريًا يتحدث مع صوت أم كلثوم، يُبرز شجن كلماتها ويضيف عمقًا إلى ألحانها.

أبرز عازفي العود في فرقة أم كلثوم

ضمّت فرقة أم كلثوم أسماءً لامعة من عازفي العود، الذين أصبحوا علامات فارقة في تاريخ الموسيقى العربية:
    1.    رياض السنباطي:
رياض السنباطي هو الاسم الذي اقترن بأم كلثوم في أروع أغانيها، مثل الأطلال ورباعيات الخيام. كان عازف عود بارعًا، يُتقن التعبير عن أدق المشاعر من خلال أوتار العود. لم يكن عزفه مجرد مرافقة موسيقية، بل كان يُضفي بُعدًا دراميًا يجعل الأغنية أكثر تأثيرًا.
    2.    محمد القصبجي:
يُعد القصبجي أحد أهم المجددين في الموسيقى العربية. جمع بين كونه ملحنًا مبتكرًا وعازف عود متميزًا، وكان له دور كبير في تقديم أم كلثوم للجمهور في مرحلة مبكرة من مسيرتها. أغاني مثل إن كنت أسامح ورق الحبيب تحمل بصمته الموسيقية التي جمعت بين الأصالة والحداثة.
    3.    أحمد الحفناوي:
رغم أن الحفناوي اشتهر أكثر بالكمان، إلا أن تعاونه مع عازفي العود في الفرقة خلق حالة فنية متكاملة، ساهمت في إثراء الأداء الموسيقي بشكل عام.

كيف أثر عازفو العود على أم كلثوم؟

كان لعازفي العود تأثير كبير على مسيرة أم كلثوم لعدة أسباب:
    •    تجديد الألحان: عزف العود لم يكن تقليديًا بل دائم التجديد، ما ساعد على مواكبة تطورات الذوق الموسيقي.
    •    إبراز قوة النصوص: كان العود وسيلة فنية للتعبير عن معاني النصوص الشعرية التي تغنيها أم كلثوم، حيث ساهم في توصيل المشاعر بوضوح.
    •    إثراء الأداء الحي: في حفلاتها، كان لعازفي العود دور كبير في خلق حالة من التواصل الحي مع الجمهور، حيث كانت جُمل العود الارتجالية تُلهب مشاعر المستمعين.

هل كانت أم كلثوم تعزف العود؟

نعم، تعلّمت أم كلثوم العزف على العود منذ صغرها في قريتها، حيث نشأت في بيئة غنية بالتراث الموسيقي. لكن بعد أن أصبحت نجمة، ركزت على الغناء، تاركة العزف لأعضاء فرقتها. رغم ذلك، كانت معرفتها بالعود عاملاً أساسيًا في فهم الألحان والتفاعل مع عازفيها وملحنيها.

أثر العود على الأغنية الكلثومية

شكل العود جزءًا من الهوية الموسيقية لأم كلثوم. عزف العود كان بمثابة شريك في التعبير، حيث كانت الجمل الموسيقية التي يعزفها العازفون تتناغم مع قوة صوتها وتضيف له بريقًا خاصًا. هذا التفاعل جعل أغانيها ليست مجرد كلمات تُغنى وألحان تُعزف، بل تجربة فنية متكاملة تُخاطب الروح.

الإرث الذي لا يُنسى

ساهم عازفو العود في ترسيخ مكانة أم كلثوم كظاهرة فنية استثنائية. إرثهم لم يتوقف عند حدود أغانيها، بل امتد ليؤثر على الأجيال اللاحقة من الموسيقيين. لقد أثبتوا أن العود ليس مجرد آلة موسيقية، بل هو صوت يحمل تاريخ الموسيقى العربية وروحها.

في الختام، يمكن القول إن أم كلثوم لم تكن لتصل إلى القمة وحدها. كان وراء نجاحها فريق عمل متكامل، كان لعازفي العود فيه دور محوري في صياغة ملامح أغنياتها وإبراز عظمة صوتها. لقد كانت أم كلثوم الصوت، وكانوا الوتر الذي جعل صوتها خالدًا.

search